كيف يؤثر انستجرام على نمط حياة المراهقات/ين؟

كيف يؤثر انستجرام على نمط حياة المراهقات/ين؟

2024-11-10

وفرت وسائل التواصل الاجتماعي حلاً افتراضياً لكل المزعجات الشكلية لأي شخص. وهو أمر يبدو في ظاهره إيجابياً. فالآن يمكنك أن تتحكم في تحسين مزاجك من خلال تحسين صورتك بين الآخرين، كما أصبح لدى الجميع الفرصة ليصبح أحد سعداء الحظ المؤثرين/ات على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يتابعهم آلاف أو ملايين الأشخاص وكلهم حماس لمحاولات التقليد.


أما الباطن، أو الحقيقة المحزنة هي تحول الأمر لدى الكثيرين إلى إدمان على تنقية الصور والفيديوهات حتى أن بعضهم أصبح له صورة افتراضية مغايرة عن الواقع لا سيما مع التطور الملفت لقدرات تلك المنصات على تغيير الملامح ومعرفتها الدقيقة بمزاجك الشخصي.


تقول ر.ص، 30 عام، إن الضغوط المحيطة بها والمشاعر المختلطة التي تمر بها جعلتها تفكر في الخضوع لعمليات جراحية لتتماشى مع الشخصيات التي تتابعها عبر منصات التواصل الاجتماعي.


وأضافت "بدأت ألاحظ استغراق وقت طويل حتى أتمكن من مشاركة إحدى الصور، الخضوع لمراحل من تغيير الألوان وتنقية الصور حتى تكاد الصورة تعبر عن أشخاص آخرين! لم تعد تشبهني. الأمور تخطت حاجز التقليد في الأزياء وشكل الجسم، كنت أتمنى الحصول على نفس أسلوب الحياة الذي يتمتع به البعض من متابعة الموضة إلى حتى شكل تفاصيل الجسم".


عدم الرضا عن الجسد أصبح سمة في مواجهة ما يمر به المتابعين من فلتر لإخفاء تفاصيل الوجه التي يعتبرها البعض معيبة وتطبيقات لمواجهة السمنة شكلاً، أو الخضوع لإجراءات تجميلية في عمر مبكر كجزء من النشاطات الدورية الاعتيادية. 


ومع تزايد الضغوط الإعلامية والمجتمعية للوصول للشكل المثالي المحدد الذي يتم الترويج له في المرحلة الحالية، تتنامى رغبة المراهقون في تقليد المؤثرين أملاً في الوصول للشكل المثالي المنشود، بوصفهم الجمهور الأعظم لهذا النوع من المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها انستجرام وتيك توك. هنا يبدع المؤثر/ة في خلق محتوى يقود المتابعين إلى تكوين عالم افتراضي يحلم بالانضمام إليه، ولا يهم إن كان هذا العالم صحي أم لا. وتتجاوز رحلة خلق الحلم استخدام المؤثرات البصرية بشكل عفوي للتأثير على رغبات ومزاج المراهقين والمراهقات من خلال نماذج جمال نمطية قد تتسم بالخواء من أي فكرة أو مضمون، لتخلق تياراً واضحاً يدعو لتغيير الشكل والصورة الجسدية للتوافق معه. وللوصول لذلك يصبح عليك شراء الكثير من المنتجات ومستحضرات التجميل وربما القيام ببعض إجراءات وعمليات التجميل، ليظهر هنا الجانب الاقتصادي والتسويقي لاقتصاد المؤثرين وصناعة الترند. 


العديد من الدراسات التي أجريت خلال العامين الماضيين على تأثير المحتوى المنشور على انستجرام على الصورة الجسدية للمراهقين والبالغين، أظهرت أن له آثاراً سلبية. في دراسة أجريت في استراليا عام 2019 على 305 امرأة ما بين عمر 18-30 وتم خلالها عرض نسخ من صور غير منقحة وأخرى باستخدام فلاتر انستجرام، وكانت النتيجة هي انخفاض مستوى الرضا عن الجسد عند مقارنته بالصور المفلترة، مقابل غياب عنصر المقارنة عند التعرض للصورة الطبيعية غير المنقحة. ولا يقتصر الأثر السلبي على النساء فقط. تحرت دراسة أخرى أجريت عام 2020 في بريطانيا على 25 متابع شاب لأحد حسابات انستجرام الخاصة باللياقة البدنية وكمال الأجسام تأثير تفاعلهم مع الحساب على سلوكهم، وانتهت إلى أن الأشخاص الذين يتابعون هذا النوع من الحسابات ويتمتعون بدرجة منخفضة في المظهر الجسدي يتجهون نتيجة من ذلك لزيادة نشاطهم البدني بشكل لا يتوافق مع لياقتهم البدنية رغبة في اجتذاب إعجاب الآخرين مثل الأشخاص الذين عبر هذا الحساب، حتى وإن أدى ذلك إلى بعض الإصابات الجسدية أو ظهور بعض أعراض تشوه الأعضاء. 


تشير الإحصاءات العالمية إلى أن نحو 72% من الشباب مستخدمي الإنترنت يستخدمون انستجرام يومياً. كثافة التعرض تلعب دورا بالتأكيد في درجة الاندماج في العالم الافتراضي وتأثيره على فكر الأشخاص، لاسيما جمهور الشباب، وهو ما أشار إليه ع.ش، 35 عام: "أظن أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي يفوق حتى تأثير التعرض لمواد إباحية، فبداية من تشكيل الرأي العام مرورا بتغيير نظرة المراهقين لأجسادهم أو اتباع نمط حياة محدد". نفس الرأي تؤيده نتائج بحث داخلي أجرته شركة ميتا المالكة لمنصات فيسبوك وانستغرام وتم تسريب نتائجه في سبتمبر الماضي، إذ أظهرت أن 40% من المستخدمين للمنصة الثانية يعانون من عدم الرضا نحو صورتهم الجسدية بسبب المحتوى المنشور عليه. 


على الرغم من الأثر السلبي للتعرض للصور المفلترة والأجساد المجملة، والوعي تجاه كونها منقحة وأن أصحاب الصور خضعوا للعديد من عمليات التجميل في أحيان كثيرة، لا يثني ذلك الملايين عن متابعة "أصحاب الأجساد المثالية" حتى وإن كانت هذه المثالية مزيفة، وخير مثال على ذلك هو كيم كارديشان التي يتابعها نحو 282 مليون متابع! 


تشكيل صورة ذهنية نموذجية عن الجمال حتى وإن أثر سلبا على المستخدمين إلا أن الأثر الاقتصادي خلف ذلك دائما يغطي على الضغوط النفسية. ففكرة خلق صورة ذهنية عن النموذج المثالي للجمال، حتى وإن كان لذلك تأثيرات نفسية سلبياً على المستقبلين، تشكل فرصة ذهبية للشركات لتسويق هذه المنتجات من خلال خلق الحاجة والرغبة في التمتع بصفاء بشرة هذه المؤثرة التي يتابعها آلاف المعجبين أو جسد ذلك المؤثر الذي تتهافت عليه عشرات الآلاف من الفتيات. وللوصول إلى نفس الصورة التي شاهدوها من المؤثر/ة، يصبح على المراهق/ة شراء المنتجات السحرية لتحقيق النتيجة المنشودة.


وبطبيعة الحال، لا تهتم الصناعات الهادفة للربح، سواء أكانت منصات التواصل الاجتماعي التي يتم الترويج من خلالها لأكذوبة الجمال المثالي أو الشركات المنتجة لمختلف مستحضرات التجميل وإنقاص الوزن وغيرها، إن سبب ذلك شعور لدى البعض أو الأكثرية بعدم الرضا عن الجسد أو أسلوب الحياة، بل على العكس فربما يساعد في ازدياد جراحات التجميل في سن مبكرة ما يعني نشاط تجاري ما.

قد يحتاج البعض إلى حماية من التعرض لهذه الضغوط ما يشجع الكثير من الآباء والأمهات على تأجيل دخول أبنائهم وبناتهم إلى العالم الافتراضي وهو فعل محمود في المجمل، ولكن يحتاج البعض أيضا إلى تنمية الفكر النقدي لدى صغار السن تجاه ما يتعرضون له، فالمنع قد يفلح لبعض الوقت ولكنه لا يجدي على المدى الطويل.


حماية المراهقين/ات من ضخ وتذويت الصورة النمطية يحتاج إلى استثمار متواصل من الأهالي والاخصائيين في حوارات معمقة معهم ضمن التوجه التربوي البنائي.  بمعنى احترام عقول الناشئة والاشتباك فكرياً معهم لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم وبأجسادهم وبالتالي تطوير قدرتهم على الاستقلالية من ضغط الآخرين. من المهم أن نُثني عليهم عندما يحلقون "خارج السرب" ويرفضون الانصياع "لإرادة القطيع"، وأن نحتفل معهم بالتغييرات التي تمر بها اجسادهم وأن نقف الى جانبهم ودعمهم وتقديم المعلومات والطمئنة والتعبير عن الفخر والاعجاب بهم.  في التربية البنائية نركز على     تقييم الذات ضمن المعايير الاخلاقية الشخصية وليس ضمن معايير الآخرين ونظرتهم الينا وتصنيفاتهم لأشكالنا وأوزاننا ولون بشرتنا وحجم أنوفنا ومؤخراتنا وبطوننا ولون عيوننا. الأفكار النمطية عن الجسد هي التي تحتاج إلى تنقية.. أفكارنا #بدها_فلتر

مقالات شبيهة

من مشاركة المتابعين\ات في حملة ع_الخاص
من مشاركة المتابعين\ات في حملة ع_الخاص
المزيد ...
المرأة والجندر : الغاء التمييز الثقافي والاجتماعي بين الجنسين
المرأة والجندر : الغاء التمييز الثقافي والاجتماعي بين الجنسين
المزيد ...
اعلان الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بشأن الحقوق الجنسية
اعلان الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بشأن الحقوق الجنسية
المزيد ...