تتويج مشروع التربية الجنسانية لذوي الإعاقات بعرض مسرحية
صفاء طميش
تصوير: موقع بكرا
ليس هناك هدية أجمل مما قدمه الطلبة لأمهاتهن في عيد الأم بمدرسة الأمل في عبلين، خلال الحفل الذي أقامته المدرسة يوم السبت 26/3/2011. إذ بالإضافة إلى الورود والقبل، عمل الطلبة بكد وجد على مدار ثلاثة أشهر مع حنا شماس، لينتجوا معًا مسرحية "لإلي" وليعرضوها بفخر واعتزاز وحماسة شديدة أمام الزملاء والطاقم التربوي بالمدرسة والضيوف من المفتشين والقيادات المحلية، وبالطبع أمام العشرات من الأمهات والآباء الذين قدموا من بعيد وقريب ليحتفلوا مع أولادهم وبناتهم في هذه المناسبة المميزة.
الأجواء احتفالية وحميمية، المدرسة بأزهى حلاتها، مزينة بالورود والبالونات والقلوب الورقية الملونة والمدونة بالأشعار والأغنيات. الموسيقى تعج بالمكان وتصدح بأجمل ما تغنت به الحناجر عن الأم. الأولاد مفعمين بالفرح والحماسة، متأنقين بقمصانهم البيضاء الجميلة وربطات العنق (بابيون) الصغيرة، يحملون اللافتات ويراجعون مرة تلو الأخرى دورهم في المسرحية.
حنا منفعل، يدور حول نفسه بحركة لا-إرادية في محاولة للتخلص من التوتر والانفعال معًا. يصعد إلى خشبة المسرح مع الطلبة، يشجعهم برفق وحنان وعطف مميز، ويطلب منهم أن يكرروا وراءه بصوت عال : "معلش إذا نسينا الدور، عادي". أما الطلبة، فعندما سؤلوا ما هو أكثر شيء أفرحك؟ قالوا: "اللحظة التي قالت لي معلمتي أنني سأشارك بالتمثيل".
طاقم المدرسة منهمك جدًا بالتحضيرات وبمحاولات شبه يائسة لضبط الطلبة المنفعلين لأقصى الحدود، يستقبلون الأمهات، يرتبون الكراسي، يعلقون الزينات، يساعدون حنا مع الأولاد على المسرح ومن خلف الستار. كل ذلك ووجوههم لا تكف عن الابتسام وعن بث الدفء والاهتمام، مما يسهم في استدامة الأجواء الحميمية التي تسود المدرسة في هذا اليوم الخاص.
تأخر موعد بدء الحفل، لم تعمل مكبرات الصوت كما يجب والحضور تعدى المئة أم وأب وبعض المدراء من مدارس أخرى، بالإضافة إلى رئيس المجلس المحلي. تتكسّر هنا جميع المعايير والمقاييس للدقة والإتقان والكمال، لأن لحظة البدء كانت كفيلة بالتغاضي عن "الزلات التقنية"، وما قدمه هؤلاء الطلبة أبكى جميع من حضر وبدون استثناء.
لعل أكثر ما شدني هو تفاعل الطلبة المتفرجين مع زملائهم على المسرح، حيث كرروا معهم الجمل والمقولات بانفعال: "جسمي لإلي" و- "نحنا الأمل"، وكانوا جزءًا من المشاهد المسرحية التي أصبحت حاضرة لديهم بعد أن شاركوا في التدريبات، فكانوا يهتفون وأحيانا يسبقون الممثلين ليقولوا كلمتهم.
دور منتدى الجنسانية،،
كجزء من مشروع "التربية الجنسانية للطلبة ذوي الإعاقات"، أردنا أن نعرض مسرحية تطرح قضايا الاحتياجات الجنسية وأهمية التربية الجنسية، وذلك لفتح الحوار حول هذه المواضيع مع الطلبة وأهلهمن وأيضًا مع الطاقم التربوي، وقد اتفقنا مع الفنان حنا شماس للقيام بهذه المهمة.
بعد زيارتين للمدرسة بمرافقة الزميلة علا ياسين، تقرر أن يتم العمل مع الطلبة أنفسهم للقيام بتمثيل المسرحية، لأن المسار الذي سيمر به الطلبة كان بالنسبة لنا بمثابة تجربة تعلمية من الدرجة الاولى، بغض النظر عن المنتوج "الفني" الذي سيخرج منها.
وبدأت التدريبات المكثفة بعد اختيار عدد من الطلبة للمشاركة بهذه التجربة الفريدة. وتعين موعد عيد الأم ليكون المناسبة التي سيتم بها افتتاح العرض وهكذا كان.
نجح حنا بمساعدة الزميلة علا ياسين في استقطاب الطاقم التربوي داخل المدرسة ككل وتجنيده من خلال نقل عدوى عشق التجربة إليه ليصبح هذا الحدث قضيته، فأبدع في عطائه وتعامله وبذل جهودًا جبارة لإنجاح هذا النشاط.
إن ما اختبرناه خلال هذه التجربة يعزز توجهاتنا بالعمل المجتمعي، والتي تنطلق من مبادئ المشاركة الفعالة، والعمل الفريقي، ومبدأ احترام العقول والعمل مع الناس انطلاقا من قدراتهم واحتياجاتهم كما يُعَرِّفونَها هم. كلنا أمل بأن تعمم هذه التجربة لتشمل مدارس وأطر أخرى.