نصائح للتربية الجنسية للمراهقين مع إعاقة عقلية
يتحمل الأهالي الذين لديهم أطفال مع إعاقة مسؤولية إضافية منذ ولادة الطفل أو الطفلة أو في لحظة اكتشاف الإعاقة.
يكون عليهم إعادة التفكير في الطرق التربوية التي أعدّوها أو اعتادوها لخوض هذه التجربة الجديدة.
تقع على هؤلاء الأهالي عدة مسؤوليات، منها توفير الحماية والدفء لأطفالهم/ن، بالإضافة إلى مواجهة الحواجز والأفكار النمطية السائدة في مجتمعهم، تلك التي تعيق أبنائهم وبناتهم من تحقيق أحلامهم/ن وغاياتهم/ن.
بالتأكيد يمثل هذا تحديًا كبيرًا للآباء والأمهات، وقد أشارت عدة أبحاث إلى أن هؤلاء الآباء يعيشون جودة حياة متدنية مقارنة بالأهالي الآخرين، ولكن مع ذلك يمكن لهذه التحديات أن تفتح فرصًا لأنماط والدية مغايرة ملائمة لواقع الأولاد والبنات واحتياجاتهم/ن في كل مرحلة من مراحل تطورهم العمري والجسدي.
ولا شك أن هذه التحديات تزيد في فترة المراهقة، مع وجود تغيرات عديدة ومتسارعة في أجساد الأطفال، وتبرز منها التغيرات الجنسية والمتعلقة بالبلوغ.
نحاول في هذا المقال أن نقدم نصائح عامة عن كيفية تعامل الأهل مع أطفالهم من ذوي الإعاقات، خاصة فيما يتعلق ببلوغهم واحتياجاتهم/ن الجنسية، والآليات التربوية المطلوبة لإيصال المعلومات، وكيفية تعليمهم كل التفاصيل التي تخص مرحلة البلوغ.
نحن جميعًا جنسانيون
يعتقد الكثير من الأهالي أن الأطفال مع إعاقة المقبلين على البلوغ أو من وصلوا إليه غير قادرين على تطوير علاقات حميمية وسلوكيات جنسية، وبالتالي لا يؤمن هؤلاء الأهالي بأهمية التربية الجنسانية لأولادهم وبناتهم.
وتوجد مجموعة أخرى من الآباء والأمهات تستوعب أن لدى أولادهم وبناتهم احتياجات جنسية، ولكنهم يترددون في الحديث معهم عن هذا خشية أن تشجع المعرفة الجنسية المراهق أو المراهقة على خوض التجربة، أو تستفز حب الاستطلاع لديهم وتستثير غرائزهم إلى الدرجة التي لا يصعب السيطرة عليها، أو يتيح ذلك فرصة لاستغلالهم جنسيًا.
ومن ضمن الأهالي من يؤمن بضرورة توفير المعرفة والإرشاد لأولادهم وبناتهم، ولكنهم يواجهون صعوبات في إيجاد الطرق الملائمة لمستوى أولادهم العقلي، أو يتحرجون من خوض النقاش الذي سيتضمن، على سبيل المثال، تسمية الأعضاء التناسلية وطرق عملها.
ولكن علينا أن نستوعب أن جميع البشر مخلوقات جنسانية منذ بداية تكوينها وحتى مماتها، ولا تؤثر الإعاقة العقلية على ذلك، إذ يحتاج الجميع إلى الحنان والحب والحميمية والشعور بالقبول والقرب، ولهم الحق في المعرفة والوعي بأجسادهم/ن.
بالتأكيد تعتبر المخاوف من أن يتعرض الأطفال للاستغلال واقعية، ولكن لا يمكن تهدئة هذه المخاوف بالسكوت عن احتياجاتهم/ن التي لا يمكن كبتها تمامًا، بل بتوعيتهم وتوعية أنفسنا بالحقوق الجنسية لذوي الإعاقة العقلية، بالإضافة إلى السعي لزيادة الوعي الاجتماعي بهذا الموضوع.
نصل هنا إلى سؤال: كيف نستطيع التواصل مع أبنائنا وبناتنا من ذوي الإعاقة العقلية وتقديم التربية والتعليم الجنسي إليهم؟ هذا ما سنحاول شرحه في السطور القادمة.
نصائح للأهل
عملية التربية الجنسية للأطفال لا تبدأ بتربية أطفالنا وتثقيفهم، بل بتعليم أنفسنا كأهالٍ أولًا، وتغيير طريقتنا في التفكير، حتى نستطيع دعم أبنائنا وبناتنا ومساعدتهم بشكل مناسب، وأن نكون واعين بطبيعة ممارستنا وتواصلنا معهم، مع اختيار الأسلوب والتوقيت المناسبين.
لذلك يمكن أن نضع في اعتبارنا هذه النقاط:
-
مـن أصعب التحديات التي يواجهها أهالي الأطفال مع إعاقة عقلية هي فقدان حلم «الطفل المثالي» والحاجة إلى إعادة بناء الآمال والتوقعات. قد يُثير هذا التحدي مشاعر عميقة من الحزن والقلق والغضب والإحباط وعدم اليقين وغيرها من المشاعر الصعبة. هنا علينا تحديد مشاعرنا الحالية والتفاهم حولها بين الوالدين وتوحيد لغة وشكل التربية الممنوحة للطفل مع إعاقة عقلية.
-
من الضروريّ التخطيط المسبق بين الشريكَيْن في الوالِدِيّة لتوحيد الخطاب والرسائل والمعلومات التي يرغبان في إيصالها. من الممكن التشاور مع الطواقم المهنيّة ذات العلاقة مع أبنائكم وبناتكم لتحديد نوعيّة المعلومات التي قد تفيدهم/ن.
-
من الضروري إيصال غالبيّة التثقيف الجنسي الصحيح في البيت.
-
نؤكّد على أنّ الأهل هم الأكثر معرفةً لأولادهم وبناتهم ولحاجاتهم/ن، وهم الأنسب والأنجع لنقل المعرفة والمعلومات الجنسانيّة، ولذلك فهم بحاجة إلى تعميق معارفهم ومعلوماتهم بهذا الموضوع.
-
من المهمّ اختيار المعلومات التي تلائم قِيَمك وبيئتك، ومشاركة أولادك في رؤيتك ومفاهيمك المتعلّقة بالحبّ والمحبّة والعلاقات والقرب والرومانسيّة والجنس.
-
حاول وحاولي فحص معرفة أولادك وبناتك المسبقة عن الموضوع. حاولوا تصحيحها من خلال حوار مفتوح وصريح معهم.
-
من الضروريّ أن تكون المعلومات واضحة وبسيطة ولا تنطوي على تناقض فيما بينها.
-
التكرار مفتاح للنجاح في إيصال المعلومات للأولاد وللبنات مع إعاقات. من الممكن استغلال المناسبات والفعاليّات اليوميّة -كارتداء الملابـس، والاغتسال في الحمام- لتثبيت التكرار ونقل المعلومات وفحص مدى استيعابها وفهمها.
-
من الضروري أن نكون قـدوة لأولادنا وبناتنا في تصرفاتنا وسـلوكيّاتنا اليوميّة، وعلينا أن نتذكّر أنهم يقلّدوننا بتصرفاتهم/ن ويتعلّمون من ردود فعلنا ومسلكيّاتنا.
-
مـن الضروري التعامل مع الأولاد والبنات بهدوء، لكن بحزم. مثلًا، في حال داعـب الطفل أو الطفلة أعضاءه أو أعضاءها الجنسـية أمام الغرباء، علينا أن نلفـت نظر الطفل أو الطفلة إلى ضرورة الانزواء بمكان خاص لممارسة ذلك، وعلينا أن نُصر على هـذا الطلب وألا نقبل المساومة عليه أو غـض النظر عنه. لكن في ذات الوقت، علينا الامتناع عن ردود الفعل القاسية والفظّة في التعامل مع أسئلتهم/ن أو تصرفاتهم/ن الجنسيّة.
-
علينا الإجابة عن التساؤلات بهدوء، مستخدمين المصطلحات الصحيحـةِ والمفهومة والمباشرة. من الممكن استخدام الصور والكتب الموضحة والبسيطة لتقديم شرح عن التغيّرات التي يمر بها الجسم، وعـن المشاعر التي قد تنتاب الشخص في الأوضاع المختلفة.
-
لا تنسوا توجيه الثناء والتعزيز الإيجابي عندما يُظهِــر أبناؤكم وبناتكم فهمًا للموضوع، وعندما يؤدون تصرفًا لائقًا منسجمًا مع ما تعلّموه منكم. فمثلًا أن تقولوا لهم «أنا فخور أو فخورة بك لأنك تصرفت بهذه الطريقة»... أو «جميل جدًا أنك أغلقت باب الحمام عندما كنت بداخله».
المقال مأخوذ (بتصرف) من كتيب "صار شاب وصارت صبية.. دليل الأهل في التعامل مع جنسانية المراهقين والمراهقات مع إعاقة عقلية"، من كتابة: فادية خوري، و الصادر عن منتدى الجنسانية 2021