ليلة الزفاف.. للمتعة لا الخرافات
مشهد 1
كلية الطب في السنة الثالثة، محاضرة لأحد أساتذة النساء والتوليد. يمتلئ المدرج بالطلاب الذكور في مقابل عدد ضئيل من الطالبات.
كانت المحاضرة عن التعليم الجنسي وكيف تحدث عملية الإيلاج وتتحقق النشوة لدى الشريكين.
لم تكن المحاضرة ضمن المنهج الأساسي، ولكنها ضرورية لطلبة الطب ولغير طلبة الطب.
مشهد 2
كلية الطب في السنة السادسة (نهائي طب)، نفس المحاضرة ونفس الموضوع ضمن منهج النساء والتوليد.
لم تحضر سوى ثلاث طالبات وطالبين، يجلسون في مقعد واحد، ولم ترفع إحدى الطالبات عينيها طوال المحاضرة، وكان وجهها أحمر من شدة الخجل.
ما وصفته سابقًا كانا مشهدين حقيقيين لطلبة الطب بالقاهرة، والمنوط بهم في لحظة ما أن يكونوا على دراية كاملة بكيفية حدوث العلاقة الحميمية، لأنهم أولًا بشر لم يتلقوا التعليم الجنسي من قبل في المدارس ولا حتى في بيوت أسرهم. ومن ناحية أخرى قد يكون أحدهم طبيب نساء أو طبيب أمراض تناسلية وصحة جنسية ومطلوب منه معالجة حالات مرضية أو غير مرضية تتعلق بالجنس والصحة الجنسية.
يتضح من المقدمة الطويلة السابقة أن مجرد الحديث عن الجنس وفسيولوجيا الإيلاج والنشوة تستدعي الخجل في عالمنا العربي، ينطبق هذا على طلبة الطب المنوط بهم تقديم الخدمة للمرضى، وخاصة الفتيات منهم، الذين يخجلون أيضًا من الحديث عن الجنس أو قراءة أي شيء عنه.
وإذا كان هذا ينطبق على الطبيبات المستقبليات، فما بالنا بغير الطبيبات من الفتيات المقبلات على الزواج وممارسة العلاقة الحميمية لأول مرة، ولا يعرفن شيئًا عن هذه الممارسة الفطرية والفسيولوجية والممتعة في الآن نفسه.
من واقع عملي كطبيبة رأيت الكثيرات من الفتيات اللاتي لم يتعلمن شيئًا عن العلاقة الجنسية قبل الزواج، وبسبب الخجل، قد لا يصلن أو لا يحاولن الوصول إلى المواد الجنسية.
بالتالي يقع الدور كله على الأم، التي، وفقًا لتربيتها، تخجل بدورها من أن تقول لابنتها أي معلومة، وإذا قالت شيئًا فيكون شبيهًا بـ "سيعلمك زوجك كل شيء". وكأنّ الأنثى فقط مفعول به والذكر دائمًا هو الفاعل.
وهناك الكثير من الأمهات أيضًا اللاتي يقلن لبناتهن: "تحشمي وتخشبي حتى لا يشعر زوجك أنك مجربة، وليتأكد من أنّ هذه هي المرة الأولى لك".
وكأنّ الاسترخاء والمتعة بالجنس هي من حق الرجل فقط وليست من حق المرأة أيضًا.
المسألة لا تقتصر على تصور النساء (الزوجة المستقبلية والأم) للعلاقة الجنسية، ولكن تمتد إلى طبيعة فهم المجتمع كله لتلك العلاقة.
فكثيرًا ما نجد رجالًا يتصورون أن ليلة الدخلة هي معركة فض غشاء البكارة، ومثل أي معركة لا بد فيها من النصر.
هناك إذًا العديد من أشكال الجهل والكثير من المعلومات المغلوطة التي تحيط بممارسة الجنس للمرة الأولى، وخاصة عند النساء، لذلك نحاول أن نقدم في هذا المقال معلومات صحيحة، تفيد أي امرأة مقبلة على الزواج.
ولنبدأ أولًا بتفنيد الخرافات التي تحيط بالليلة الأولى.
البكارة
من أشهر الخرافات المنتشرة عن الليلة الأولى التركيز الشديد على غشاء البكارة، وعلى ضرورة أن ينزف دمًا.
الحقيقة أن نزف الدماء في الليلة الأولى مسألة تحيط بها المعلومات المغلوطة، فمن الممكن أن تنزل قطرات خفيفة مع افتضاض غشاء البكارة، ومن الممكن ألا ينزل شيئًا، خاصة إذا كان الغشاء من النوع المطاطي والذي يتسع لدخول القضيب أو العضو الذكري دون نزيف.
لذلك لا ينبغي أن يركز الزوج على نزول الدماء، وليس من المفترض أن تقلق الزوجة إذا لم ينزل دم، فهذا ليس دليل البكارة من عدمه.
الخجل
تخبرنا الأعراف أن البِكْر لا بد أن تكون خجلى، لدرجة قد تمنعها من الاستمتاع بالممارسة الجنسية، أو حتى إصدار التأوهات الطبيعية.
بالطبع يمكن أن ينتاب الشريكين الخجل عند ممارسة الجنس لأول مرة، ولكن العرف يجعل الأمر ضروريًا ويضعه في مقام القداسة ودليل دامغ على البكارة.
ولكن الخجل الشديد قد يضع المرأة في حالة من القلق الشديد والتشنج، وبالتأكيد يؤذي هذا الممارسة الجنسية بين الشريكين.
الألم
"زي شكة الدبوس".
تتكرر هذه الجملة للعروس في ليلة الزفاف، ورغم أنها تبدو جملة تيسِّر الأمر عليها، إلا أنها كفيلة بإثارة الرعب لدى امرأة لم تنفرد بذكر طوال حياتها.
هذا الرعب والتخويف كفيلان بزيادة القلق لدى العروس، ويصعِّب على الشريك عملية الإيلاج، وقد يؤدي إلى وجود ألم حقيقي من التشنجات.
علينا أن نعرف أن الأصل في ممارسة الجنس أن تكون ممتعة، وألا تكون مؤلمة على الإطلاق، وهذا ينطبق حتى على الليلة الأولى.
الصباحية
من العادات الشائعة، وإن كانت منعدمة الذوق، أن يزور الأهل العروسين في الصباح التالي للزفاف، ليكون همهم الأول طرح السؤال المتوقع، وهو إذا كان الزوج قد نجح في الإيلاج أم لا، وأيضًا إذا كانت الزوجة قد نزفت دمًا، وبالتالي هل كانت بكرًا أم لا.
طقس الصباحية في حد ذاته كافٍ لإثارة القلق عند الزوجين، فبدلًا من أن يركز الشريكان على الاستمتاع بصحبة بعضهما، يهتمان بما سيقوله الأهل في الصباحية.
كل هذه الخرافات والعادات السلبية التي تحيط بالليلة الأولى تجعلها ليلة صعبة ومؤلمة ومحاطة بالأوهام، وقد نتوقع أن قليلين جدًا هم من يستطيعون تجاهل كل ذلك والاستمتاع حقًا بالليلة.
من أجل ليلة سعيدة
بعدما رأينا الذي يفرضه المجتمع على العروسين في ليلة الزفاف، وضرورة تحديه، علينا أن نعرف كيف يمكن أن نستمتع بهذه الليلة، ويمكن أن نضع النقاط التالية في الاعتبار:
أولًا: على الشريكين أن يستوعبا أن ممارسة الجنس لأول مرة من المفترض أن تكون ممتعة. من الطبيعي أن يشوبها بعض الخجل والحياء والتوتر، لذلك فالمداعبة والصبر وتحدث الشريكين مع بعضهما أمر ضروري، لأن ذلك سيكسر حدة الخجل ويخلق نوعًا من الألفة والحميمية بين الزوجين.
ثانيا: المتعة ليست للزوج وحسب، بل للزوجة الشريكة أيضًا، فهي فاعلة مثل الشريك تمامًا وليست مفعولًا بها.
ثالثًا: ليس من الضروري أن يحدث الإيلاج في أول ليلة، خصوصا أنّ الزوجين يكونان مرهقين من حفل الزفاف وترتيبات ما قبل الزواج. ولذلك فإنّ المداعبات والألفة والكلام والتقبيل والأحضان مقدمات تجعل العلاقة الكاملة أيسر وأمتع.
رابعًا: المعرفة والتعلّم من مصدر علمي موثوق قبل الزفاف يزيل القلق والارتباك ويجعل ممارسة الجنس متعة ووسيلة للاسترخاء.
خامسًا: هناك اختلاف بيولوجي فسيولوجي بين المرأة والرجل. الرجل يصل إلى النشوة في وقت أقل من المرأة، كما قد تحتاج المرأة إلى مداعبة البظر باليد كي تشعر بالنشوة.
ويوجد اختلاف أيضًا بين ما يثير الرجل في شريكته وما يثير المرأة في شريكها، وتفهُّم هذه الاختلافات سينعكس بالطبع على العلاقة الزوجية عمومًا، وعلى العلاقة الحميمية خصوصًا.
ومع الممارسة سيدرك كلا الشريكين هذه الاختلافات ويتعاملان معها بقدر كبير من القبول والفهم.
سادسًا: فيما يتعلق ببعض المأكولات التي يُعتَقَد أنها تثير الشهوة والرغبة، فلا بأس. المهم ألا يتناول الزوج أي أدوية أو عقارات، وأن يعتمد على الاستثارة بشكل طبيعي. كما يجب أن يكون هناك وقت كافٍ لهضم الطعام قبل البدء في الممارسة الحميمية، أو تناول كميات طعام قليلة حتى لا تمتلئ المعدة ويصعب ذلك الجماع. أي ليس من المفضل أن يسبق العلاقة الجنسية طعام دسم وثقيل كما هو شائع.
سابعًا: الاستثارة مرحلة مهمة جدًا لكلا الشريكين، وتحدث الاستثارة الجنسية بالمداعبة والملامسة والتعرّي والتقبيل وخلافه. فإذا أخذ الشريكين وقتهما الكافي في الاستثارة، ستكون المراحل اللاحقة أيسر لأنها بالأساس تحدث كفعل منعكس لاإرادي مثل العطس.
ثامنًا: على الزوج أن يتحلى بالهدوء، وألا يلجأ إلى العنف، أو يُصِرّ على الإيلاج الكامل في أول مرة. ممارسة الجنس ليست معركة بها طرف خاسر وطرف فائز.
تاسعًا: قد يحتاج الزوجان لاستخدام جل (مزلق حميمي) في أول ممارسة. حتى يتعلما كيف يثيران بعضهما بالمداعبة والتلطف والمقدمات.
عاشرًا: الأصل في ليلة الدخلة هو الخصوصية والحميمية، وإذا كان هناك صعوبات في معرفة أفضل وضع لممارسة الجنس فإنّ التجربة خير معلم. المهم هو تفهّم الطرفين لبعضهما والبعد عن التصورات المسبقة والمقارنات مع أزواج آخرين.
نبذة عن فسيولوجية الجماع
من المهم أن يعرف أي شريكين أن العلاقة الحميمية تمر بأربع مراحل وصولًا إلى النشوة، ثم مرحلة ما بعد الجماع، ويمكن أن نشرح هذه المراحل كالآتي:
1. الاستثارة
وهي المرحلة التي يشعر فيها الشريكان بالإثارة الجنسية، ويختلف الزمن للوصول إلى تلك المرحلة بين الأفراد وبعضهم، ومع الوقت يتعلم الشريكان الوقت الذي يستغرقانه ليصل كل منهما إلى الإثارة.
تتمثل الإثارة الجنسية عند الرجل في انتصاب القضيب، كما ينقبض كيس الصفن حاملًا الخصيتين نحو الحوض.
أما عند المرأة، فيحدث انتصاب أيضًا لكل الأعضاء التي من الممكن أن تنتصب، بسبب تدفق الدم واحتقانه، إذ تنتصب حلمة الثدي وتشعر المرأة بانتفاخ الثدي، وانتفاخ مدخل المهبل والشفرين. كما تشعر بالبلل بسبب زيادة إفرازات المهبل والتي تسهل عملية الإيلاج.
2. الإيلاج
وفيها يتخذ الشريكان الوضع المناسب للإيلاج بشكل تلقائي دون اتفاق، إذ يدخل القضيب المنتصب إلى المهبل المفتوح بفعل مرحلة الإثارة.
3. ما قبل النشوة
Plateau phase
ويزداد في هذه المرحلة معدل نبضات القلب، ويزداد ضغط الدم ومعدل التنفس أيضا لدى الشريكين. وتبدأ عضلات الحوض في الانقباض والرعشة اللاإرادية عند الشريكين. وهو ما ينتج عنه زيادة في قوة الانتصاب عند الرجل وزيادة احتقان الخصيتين. وعند المرأة يزداد احتقان الدم داخل الرحم والمهبل ويتمدد أكثر لاستيعاب القضيب المنتصب المحتقن.
4. النشوة
وفيها يتضاعف معدل التنفس ومعدل نبضات القلب ويتضاعف ضغط الدم أيضًا. و يغطي الإحساس بالأعضاء الجنسية والحوض على باقي إحساسات الجسم. فالزوجين الآن في حالة نشوة كبرى تنسيهما كل شيء عدا المتعة التي ينعمان بها.
عند الرجل تحدث النشوة مع قذف السائل المنوي عبر مجرى البول داخل الرحم.
وعند المرأة يزداد انقباض عضلات الرحم والمهبل وعنق الرحم.
كما تحدث رعشات لاإرادية منتظمة في الحوض عند كلا الشريكين.
5. ما بعد الانتهاء
في هذه المرحلة يعود معدل النبض وضغط الدم والتنفس إلى المعدلات الطبيعية. كما يحدث تعرق غزير مصحوب باسترخاء كامل في كل عضلات الجسم والحوض، بسبب زوال احتقان الأنسجة والشرايين تدريجيًا في مدة قد تصل إلى خمس دقائق.
أخيرًا، ليلة الدخلة بالأساس ليلة ممتعة ويسميها الناس كثيرًا بليلة العمر.
من الضروري الحرص على الاستمتاع والهدوء والبدء بالمقدمات والمداعبة والملاطفة. والبعد عن القلق الزائد من فشل الرجل في الإيلاج. أو عدم القدرة على فض الغشاء، والإقلاع عن فكرة ضرورة نزول دم من الافتضاض وغيرها من الخرافات، مع الوعي بمراحل العملية الجنسية.
كل ذلك يجعل هذه الليلة "ليلة العمر" الممتعة بحق.