إمتاع الذات.. بوابتك لفهم أعمق للحياة الجنسية

بقلم : سلمى الديب



2024-07-20

هل سبق لك وشاهدت مسلسل Sex and the city الذي عُرض موسمه الأول عام 1998، واستمر عرضه حتى عام 2004، ويروي قصص وحياة أربع نساء في مدينة نيويورك، ويستكشف بطريقة ذكية وممتعة قضايا المرأة المعاصرة مثل الحب والصداقة والجنس والنجاح المهني؟

 

لقد لاقى المسلسل نجاحًا كبيرًا وحاز على العديد من الجوائز والترشيحات، بما في ذلك جوائز إيمي وجولدن غلوب.

 

وعلى الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على عرض المسلسل، يمكن استشعار التغيير الذي سببه في شكل المتعة الجنسية حتى هذه اللحظة.

 

في إحدى حلقات المسلسل تشتري البطلة لعبة جنسية من محل بعينه في نيويورك، ليحدث ذلك المشهد نقلة نوعية في مبيعات الألعاب الجنسية والسياحة في نيويورك، فحتى يومنا هذا يذهب السائحون إلى المحل ذاته لشراء ألعاب جنسية. كان ذلك المشهد واحدًا من مسببات زيادة التركيز على إمتاع الذات.

 

في الماضي اقتصرت الطريقة التقليدية في التعليم والتوعية الجنسية على الوقاية من الأمراض ووسائل منع الحمل على حساب المتعة، متجاهلة من بين ذلك إمتاع الذات، رغم أنه طريقة أساسية لاكتشاف اللذة ومعرفة المناطق الحساسة جنسيًا في جسدك.

 

غالبًا حين نبحث أو نتحدث عن إمتاع الذات (المعروف على نطاق واسع في ثقافتنا العربية بالعادة السرية)، نرى السياق يدور حول أضراره، وتحيط به الإيحاءات السلبية. ولكن في الحقيقة يمكن أن يكون الإمتاع الذاتي طريقك لمعرفة تفضيلاتك وتعزيز ثقتك بنفسك، ووسيلة لممارسات جنسية أفضل مع الشريك.

 

نتعرف من هذا المقال على أبرز فوائد إمتاع الذات.

 

مسكن فعال للتوتر ومعزز للمزاج


عندما تخرج حياتك عن مسارها تمامًا ويعصف التوتر بذهنك وتحتاج إلى الاسترخاء، فقد يكون أول ما يخطر ببالك هو قضاء ساعة سعيدة مع الأصدقاء، أو قد ينصحك البعض بممارسة اليوغا أو التأمل، ولكن البقاء والاستمتاع بأجوائك المفضلة قد يكون بنفس الفعالية.

 

تشير شانون تشافيز، الطبيبة النفسية والمعالجة الجنسية، إلى أن الإمتاع الذاتي وسيلة للتحرر من التوتر والعواطف المكبوتة والذهن المشتت، وذلك لأنه يحفز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، مما يجعلك تشعر بالأمان والهدوء ويقلل في الوقت نفسه من مستويات هرمون التوتر، الكورتيزول.

 

ويسبب إمتاع الذات إفرازًا لفيضان من الناقلات العصبية المسؤولة عن المزاج والمتعة - الدوبامين والسيروتونين والإندورفين، والتي لا تجعلك تشعر بمزيد من البهجة فحسب، بل ستعزز حافزك للحصول على تجربة ممتعة أخرى (نشوة أخرى مع الشريك/ة).

 

فهم أكبر للحياة الجنسية


هل سمعت جملة من ذاق عرف من قبل؟ يستخدمها الناس في سياقات مختلفة ولكن تعني أنه يجب أن تسلتذ وتتمتع وتتذوق الشيء في البداية حتى تعرف أنه ممتع. الأمر متماثل في الحياة الجنسية.

 

masturbation

 

في المجتمع الذي تتمحور فيه المناقشات حول الجنس بشكل عام حول الإنجاب والوقاية من الأمراض ووسائل منع الحمل، غالبًا ما يتم تجاهل أهمية اللذة واستكشاف الذات. إمتاع الذات طريقة طبيعية وصحية للأفراد لاستكشاف أجسادهم ورغباتهم واستجاباتهم الجنسية، وهو الطريقة المثلى للأفراد للحصول على فهم أعمق لتفضيلاتهم الجنسية الخاصة، والمناطق الحساسة لديهم، وحتى خيالاتهم الجنسية. فلو لم تعرف/ي اللذة وذلك الشعور الممتع عند ممارسة الإمتاع الذاتي لن تتحمس/ي لمشاركة شخص آخر في تلك التجربة، فالمتعة الحسية قد تكون الدافع للمشاركة والانخراط في نشاط جنسي مع الشريك/ة.

 

تبني إيجابية الجسم والوعي الجنسي


يعد إمتاع الذات بوابة لإيجابية الجسم والوعي الجنسي. من خلال استكشاف الذات، يمكن للأفراد استكشاف معرفة ما يسعدهم وما يثيرهم وما يجلب لهم اللذة. هذا الوعي بالذات لا يعزز الثقة في النفس فحسب، بل يسمح أيضًا بتجارب جنسية أكثر إشباعًا مع الشريك/ة. عندما تفهم ما يحتاجه جسمك وتعبر عنه، يساهم ذلك في زيادة الراحة والانفتاح في العلاقات الحميمة، مما يعزز شعورك بذاتك وثقتك بنفسك وبجسمك.

 

تحسين الأداء والثقة والتواصل في العلاقات


يمكن أن يلعب إمتاع الذات أيضًا دورًا كبيرًا في تحسين الأداء الجنسي والثقة. من خلال استكشاف الأجساد ونقاط اللذة الخاصة بها، يصبح الأفراد أكثر تفاعلًا مع استجاباتهم ورغباتهم الجنسية. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد إمتاع الذات الأفراد على التغلب على القلق من الأداء وبناء الثقة في قدراتهم/ن الجنسية، مما يسهم في حياة جنسية أكثر إشباعًا ومتعة.

 

ويمكن أن يؤثر الإمتاع الذاتي أيضًا بشكل إيجابي على ديناميكيات العلاقة والتواصل بين الشركاء، إذ يساهم في تسهيل المحادثات حول التفضيلات والخيالات الجنسية والحدود داخل العلاقة. من خلال استكشاف الرغبات واللذات الشخصية، يتمكن الأفراد من الحصول على رؤية حول ما يستمتعون به والتعبير عن هذه التفضيلات لشركائهم.

 

قد يترتب على التواصل والتعبير عن الرغبات بحرية خلق مساحة لتجارب جنسية أخرى مثل إمتاع الذات المتبادل أو المشترك مما يؤدي إلى فهم أعمق من الشريكين لرغبات بعضهما، ويعزز أنواعًا مختلفة من اللذة، بدلًا من الاقتصار على الإدخال كالطريقة الوحيدة لممارسة الجنس بين الشريكين.

 

تعزيز الرغبة والحميمية


يسمح إمتاع الذات بالتواصل مع الرغبات والخيالات الجنسية الخاصة بالفرد، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالأهلية الجنسية والتمكين. من خلال فهم ما يجلب للفرد السعادة والرضا، يمكن له/ا أن يعبر عن احتياجه/ا وتفضيلاته/ا بشكل أكثر فعالية لشريكه أو شريكته. يمكن أن يؤدي هذا التواصل المفتوح والصادق إلى تعميق الحميمية وتعزيز الروابط العاطفية في العلاقة. يمكن أن يصبح إمتاع الذات أداة لتعزيز الرغبة، وإشعال العاطفة، والحفاظ على علاقة جنسية صحية وممتعة على مر الزمن.

 

female masturbation

 

وتساهم التغييرات التي يحدثها إمتاع الذات في الهرمونات على تعزيز الرغبة الجنسية، حيث يزداد إفراز هرمون التستستيرون عند ممارسة إمتاع الذات، وهو الهرمون المتحكم في الرغبة الجنسية، فكلما زادت ممارسة إمتاع الذات زادت الرغبة الجنسية.

 

قد يساهم أيضًا إمتاع الذات في تجديد رغبتك الجنسية متى تمكن الفتور الجنسي منك، وهو أحد الطرق العلاجية في حالات ضعف الانتصاب، ولكن تحتاج أيضًا للمساعدة الطبية في حالة تفاقم الأمر وعدم قدرتك على مساعدة نفسك.

 

تحسين الوظائف الإدراكية


يفرز المخ مادة الدوبامين أثناء ممارسة الإمتاع الذاتي، وهو مسؤول أيضًا عن العملية التعليمية والتركيز. لهذا السبب، قد يحسن الإمتاع الذاتي من الوظائف الإدراكية بشكل عام، حيث أظهرت دراسة عام 2020 أن الأدوية مثل الريتالين، التي تحسن التركيز، قد تكون فعالة لأنها تزيد من مستويات الدوبامين المتداولة وتزيد من دوافع الأشخاص لإكمال المهام الصعبة.

 

لإمتاع الذات دور حاسم في تعزيز التجارب الجنسية مع الشريك من خلال تعزيز الوعي الذاتي والثقة والتواصل والحميمية داخل العلاقات، على الرغم من أن الشائع هو عكس ذلك تمامًا، حيث يجري الترويج لأضرار إمتاع الذات مثل ضعف العظام والتأثير على الرؤية والإدمان وغيرها من الأضرار، وهي خرافات لا صحة لها.

 

يساعد الإمتاع الذاتي على اكتشاف الجسم عن طريق اعتباره جانبًا طبيعيًا وصحيًا للحياة الجنسية البشرية، يكتسب الأفراد من خلاله فهمًا أعمق لرغباتهم وتفضيلاتهم الخاصة بالمتعة، وقد يؤدي احتضان المتعة الذاتية كممارسة إيجابية وتمكينية إلى علاقة جنسية أكثر إشباعًا وحميمية وإرضاءً لكلا الشريكين.

 

بمجرد أن تتعلم ما تستمتع به، يمكنك مشاركته مع شريكك لتعزيز حياتك الجنسية، فاكتشاف ما يحفزك أو يوقفك عن المتعة معلومة مهمة من الضروري نقلها إلى الآخرين.