دليلك لمراسلات جنسية ممتعة وآمنة
للبعض، كأزواج فرقهما السفر، قد تكون المراسلة الجنسية طريقة للتواصل والحفاظ على حياتهما الجنسية يقظة وفعّالة. للآخرين، يمكن أن تكون المراسلة الجنسية وسيلة لزيادة الحميمية وتقوية الرغبة الجنسية أو حتى استكشاف الجنسانية من خلال تجارب جديدة وخارجة عن المألوف مع الشريك/الشريكة و/أو مع ذواتنا.
المراسلة الجنسية هي تواصل جنسي رقمي، مثل إرسال ومشاركة رسائل نصية و/أو صور و/أو فيديوهات ذات طابع جنسي مع الشريك/الشريكة. وتعد كأداة ووسيلة جزء من حياتنا وتجاربنا الجنسية، تسمح لنا بالتواصل مع أنفسنا ومع شريكنا/شريكتنا عن بعد لكي نحظى بوقت ممتع وحميمي ونعبّر من خلالها عن رغباتنا وتخيّلاتنا الجنسيّة.
كيف تحافظ/ين على أمانك الشخصي عند تبادل المراسلات الجنسية؟
بوجه عام، لا يمكن لأي ممارسة أن تكون ممتعة وصحية، إذا فقدت عنصرين هامين، هما:
أولاً: التراضي كشرط للمتعة
فالمراسلة الجنسية مثلها مثل العلاقة الجنسية الجسدية، والتي تشترط الحصول على الموافقة الواضحة لحصولها. قبل بدء أي مراسلة جنسية - إن كان مع شريك/شريكة ثابت/ثابتة أو في بداية علاقة أو حتى شخص غريب قد تعرفتم/ن عليه/ها للتوّ من خلال تطبيق مواعدة - المراسلة يجب أولاً التواصل الواضح والشفاف حول رغبة الطرفين في إرسال أو تلقّي محتوى ذي طابع جنسي. فبدون التعبير عن التراضي والموافقة بشكل واضح ومكتوب، لا يحق لنا أو لغيرنا إرسال أو مشاركة أي محتوى جنسي، وإلا يعتبر ذلك إساءة جنسية وقد تترتب عليها تداعيات قانونية وعقابية.
كذلك، من المهم أن نتذكر أن التراضي ليس أمر مطلق أو أبدي. يمكن لأي من الطرفين أن يقرر، في أي وقت، أنه لا يرغب في مواصلة تبادل المراسلات الجنسية مع الطرف الآخر.
ثانياً: إجراءات الأمان وحماية الخصوصية وتتضمن خطوتين:
الخطوة الأولى: هي التأكد من هوية الطرف الآخر، إذا لم تكونا على علاقة شخصية وتم التعارف عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من الضروري التأكد من أن هوية الشخص حقيقية، وفوق السن القانوني قبل إرسال أو مشاركة أي محتوى ذي طابع جنسي. إذ أن العديد من الأطفال والمراهقين/ات يميلون إلى تزييف سنهم/ن وهويتهم/ن الحقيقية في مواقع وتطبيقات المراسلة والمواعدة. وإلا قد ينتهي الأمر إلى اتهام باستغلال الأطفال جنسياً.
بوجه عام، لا ينصح كذلك بتبادل المراسلات الجنسية مع شخص لا تعرفه/ينه في واقع الحياة، إذا يزيد ذلك من احتمالات تزييف الهوية والاستغلال والابتزاز لاحقاً.
الخطوة الثانية: إعدادات وإجراءات الأمان والخصوصية
في بداية هذا القسم علينا تذكر أن العالم الرقمي لا يمكنه أن يكون آمناً في المطلق، وهذا ينطبق على المراسلات الجنسية، فلا يمكننا أن نضمن الأمان والخصوصية الكاملين. فكل ما يوضع في العالم الرقمي من معلومات أورسائل أو صور أو فيديوهات أو بيانات شخصية،لا يمكن السيطرة عليه ولا يمكن حذفه من خوادم الإنترنت حتى إن تم حذفه من الأجهزة والتطبيقات. لذا، من الضروري التفكير بالمخاطر والخسائر والعواقب لما نتشاركه رقمياً قبل فعل ذلك.
رغم ذلك، نؤمن أن من حقنا ممارسة استكشاف جنسانيتنا من خلال التجارب الجنسية المختلفة التي تتناسب معنا ونرغب بها. فيما يلي بعض الإرشادات التي يمكن للطرفين الاتفاق عليها قبل الشروع في المراسلات الجنسية لضمان درجة أعلى من الأمان والخصوصية لكليهما:
- انتقاء تطبيقات آمنة عند تبادل محتوى جنسي شخصي:
هناك فروق عدة بين تطبيقات ومنصات المراسلة وهذه الفروقات تحدد درجة الأمان واحترام الخصوصية للمستخدمين/ات. التطبيق الافضل من ناحية الأمان والخصوصية حتى الآن هو تطبيق Signal، إذ أن جميع الرسائل مشفرة من طرف إلى طرف (end to end encryption). لذا، لا يمكن قراءتها، حتى لو تم اعتراضها. يرتبط تطبيق Signal برقم الهاتف، ولكنه يحتوي أيضًا على ميزة الحسابات التي تتيح إخفاء المعلومات الشخصية. ويمكن تعيين حد زمني لحذف الرسائل والمرفقات، ولا يقوم التطبيق بتخزين الصور والفيديوهات التي يتم إرسالها واستقبالها تلقائياً، بالإضافة إلى أنه تطبيق مفتوح المصدر، وهدف تطويره غير ربحي.
تطبيقات المراسلة مثل WhatsApp وTelegram فهي غير آمنة لأنها غير مفتوحة المصدر، وأهدافها ربحية، وتقوم بتخزين الوسائط على التخزين السحابي الخاص بالشركات بدون سيطرتنا على معلوماتنا وبياناتنا. كذلك، يوجد تاريخ من التسريبات والاختراقات التي تمت للمعلومات المتبادلة عبر هذه المنصات.
أما بالنسبة لخدمات المراسلة التابعة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل Facebook وInstagram وSnapchat وغيرها، فهذه المنصات لا تضع الامان والخصوصية أولاً، ولا توفّر إمكانية المجهولية وإخفاء المعلومات الشخصية، ولا يمكن السيطرة على كيفية حفظ ومعالجة المعلومات والبيانات الخاصة بنا وعلى احتمالية تسريبها أو اختراقها.
- الاتفاق على آليات الإرسال والحفظ لكل ما يتم تبادله من محتوى جنسي شخصي:
عادة ما يكون الخوف الأكبر عند تبادل المراسلات الجنسية هو تسريب مضمونها خارج نطاق طرفي العلاقة، إما بسبب الوصول غير المصرح به أو الاختراق للتطبيق المستخدم أو أحد أجهزة الطرفين أو التخزين السحابي، أو خيانة الثقة والخصوصية المتفق عليها من أحد الطرفين.
قد يكون لهذا التسريب عواقب كثيرة ويختلف وقعها على الأشخاص. فيمكن أن تؤدي إلى التنمر والمضايقات لأحد الطرفين، أو نشر الصور والفيديوهات الخاصة على مواقع الإنترنت، وقد تصل إلى الابتزاز المادي والجنسي والتهديد المباشر على أمن وحياة أحد أو كلا الطرفين.
لذا، فمن المهم الاتفاق على قوانين واضحة وتحترم أمان وخصوصية الطرفين، بما يتضمن:
- الأدوات والتطبيقات المستخدمة في المراسلة الجنسية وهل ستحتفظان بها أم لا، ومكان حفظ المواد المشاركة في هذه الحال، ومتى وكيف يتم مسحها إن اتفقتما على ذلك.
- وقت ومكان المراسلات الجنسية ومشاركة محتوى ذي طابع جنسي. بمعنى آخر، هل تتراسلان عادة خلال اليوم أم مساءاً فقط؟ هل تبدأ المراسلة الجنسية بشكل مباشر أم يجب أولاً التأكد من أن الهاتف في يد صاحبه/ته؟ هل تستخدمان عبارة سرية للتأكد من أن الطرف الآخر هو من يقرأ الرسائل أولاً أو لا يوجد أشخاص آخرين حوله؟ ينصح باستخدام كلمة سر كإجراء احتياطي.
- هل تتبادلان المحادثات الجنسية فقط، أم صور ومقاطع جنسية شخصية أيضاً؟ هل تظهران وجوهكما أم لا يمكن التعرف عليكما من خلال هذا المحتوى الجنسي الشخصي؟
هذه القوانين تكون بمثابة اتفاقية بين الطرفين، وعلى الطرفين احترامها لضمان الأمان والخصوصية في تجربة المراسلة الجنسية والاستمتاع بها.
إذا أردتما حذف المواد فيجب التأكد من الحذف الصحيح والأمن للمواد حيث أن معظم الأجهزة تنقل المواد المحذوفة لمجلد آخر لمدة 30 يوماً. يمكن الاستعانة بتطبيقات للحذف الآمن مثل Ccleaner. كذلك من المفضل استخدام تطبيق مراسلة مثل Signal لأنه لا يخزّن المواد تلقائياً.
إذا قررتم/ن عدم مسح محتوى المراسلات (طبعاً بعد موافقة الطرف الآخر لحفظ المواد الخاصة به/ها) وخاصة الصور والفيديوهات، فمن المهم إلغاء خاصية الحفظ الاحتياطي التلقائي (Backup) في الجهاز لتجنب تخزين هذه المواد على التخزين السحابي، وانشاء مجلد سرّي مع كلمة سرّ وحفظ المواد بداخله بواسطة تطبيقات تعمية وتشفير مثل FileVault و Cryptomator.
- كلمات السر القوية والآمنة هي الأساس للحفاظ على الأمان والخصوصية الرقمية عامةً وفي المراسلات الجنسية خاصةً:
للحفاظ على أمان الحسابات والتطبيقات والمنصات الخاصة بنا يجب أن نختار كلمة سر طويلة (15 عنصر على الأقل) ومعقدة (تحتوي على أحرف كبيرة وصغيرة ورموز وأرقام) وغير شخصية (لا تحتوي على معلومات خاصة بنا وتعرّفنا) وغير مكرّرة (عدم استخدام نفس كلمة السر لأكثر من حساب). كلمات السر القوية والآمنة تضمن تعقيد عملية اختراق الحسابات والتطبيقات والوصول غير المصرح به لبياناتنا، لكنها غير كافية وحدها. من المهم تفعيل خاصية المصادقة الثنائية two factor authentication في كافة حسابات منصات التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني والتخزين وباقي الحسابات التي تحتوي على معلومات وبيانات حساسة.يمكن كذلك الاستعانة بتطبيقات إدارة كلمات السر للمساعدة في توليد وحفظ وتخزين كلمات السر حتى لا تضطرون لحفظ جميعها مثل keepassxc وBitwarden.
- الانتباه للمحتوى الجنسي الشخصي المتبادل والمحيط الذي نتبادل فيه الرسائل الجنسية: ينصح باتخاذ الاحتياطات التالية:
- التواجد في مكان خاص غير مكشوف عند مشاركة رسائل نصية أو صور فيديوهات، والتأكد منأنه لا يمكن لأحد أن يسترق النظر للمراسلة.
- ألا تحتوي المراسلات الجنسية على معلومات يمكن أن ترشد إلى مكان صاحبها/تها مثل رقم الهاتف أو الاسم الكامل، خاصة إذا كنت تتبادل/ين المراسلات الجنسية مع شخص/ امرأة لا تعرفه/ا في واقع الحياة.
- تجنب إظهار أي تفاصيل يمكنها كشف هويتنا مثل الوجه أو علامات مميزة للهوية أو المنزل.
أخيراً، عندما ننفتح ونكشف أنفسنا على أي نوع من الحميمية، فإننا نتحدى بعد الحدود التي وضعناها لأنفسنا ونخوض تجارب جديدة وجريئة، وهذا قد يشعرنا بالخوف وأحياناً بالمخاطرة. ينطبق ذلك على المراسلة الجنسية كما هو الحال في الواقع. لذا من المهم أن نكون أذكياء، ونتخذ الاحتياطات، وقبل كل شيء، أن نكون لطفاء، ونحترم حدودنا الشخصية وحدود الأشخاص وأن نكون مشرفين/ات جيدًا على المعلومات الحساسة التي بحوزتنا وتم ائتماننا عليها.